حملة طائفية ضد زينة بيروت لعيد الميلاد.. جهلٌ بالفنون الكنسيّة الكاثوليكية
زينة مستوحاة من الفنون الكنسية الكاثوليكية الباروكية–الروكوكوية، لا من الفن الإسلامي ولا من التراث المسيحي الشرقي
شنت حسابات تابعة لليمين الانعزالي في لبنان هجوما ساخرا وطائفيا ضد زينة وسط بيروت اليوم (٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥). وتم التهجم على الزينة بزعم أنها "زينة رمضان" أو "تعدٍّ على المسيحية" وقلة ذوق من دون أي معرفة حقيقية بأصل هذا الفن أو طبيعته أو تاريخه.
مهندسون مختصون أفادوا منصة بيروت ريفيو أن الزينة المستخدمة ليست إسلامية ولا تمتّ بصلة إلى عناصر رمضان التقليدية كالخط العربي والهلاليات والأنماط الهندسية الإسلامية. وفي الوقت نفسه، ليست من تراث المسيحية الشرقية السريانية–المارونية.
بل، وبحسب الدكتور محمد مهدي قصير، المهندس في التنظيم المديني والمختص بالعمارة الاسلامية والرمزية المعمارية, فإن هذه الزخارف المضيئة هي نموذج مباشر من فنون الباروك والروكوكو الإيطالي الكاثوليكي في القرنين 17–18، وتحديدًا من تقاليد الأقواس الضوئية Luminarie المنتشرة في جنوب إيطاليا، في احتفالات القديسين والكرنفالات، في مدن مثل ليتشه، سكُرّانو، نابولي، وبوليا. أي أنّها فنّ كاثوليكي–غربي بامتياز، مألوف في الكنائس الباروكية الكبرى، وليس له أي جذور في رمضان أو في هوية المسلمين.
الأمر الأكثر مفارقة أنّ كل هذا الجدل كان يمكن تجنّبه ببحث بسيط من ثوانٍ: يكفي الدخول إلى صور كنائس الباروك في روما ولِتشه، أو النظر إلى مهرجانات الأقواس الضوئية في جنوب إيطاليا، ليرى أي شخص أنّ الزينة المعلّقة في بيروت منسوخة حرفيًا من هناك—نفس الأقواس، نفس التعرّجات، نفس التكوينات، بل أحيانًا نفس المصنّعين. اختيار هذا الفن تحديدًا لم يأتِ احتفالًا برمضان، بل على الأغلب استعدادًا رمزيًا لزيارة البابا المقبلة، باستخدام لغة بصرية يفهمها الفاتيكان ومألوفة في الثقافة الكاثوليكية. وهكذا يصبح الجهل البصري مضاعفًا: فريق يصرخ ضد "أسلمة الزينة" ، فيما الزينة نفسها مستوردة من قلب الثقافة الكاثوليكية الأوروبية.
المشكلة ليست في الرموز، بل في سوء فهم عميق للفنون والهوية، عند أكثر من يرفعون صوتهم دفاعًا عنها.