نواف سلام وجدوى السلاح.. حكومتك لم تحمِ لبنان!

في الذكرى السنوية الأولى لإعلان وقف الأعمال العدائية بين العدو الإسرائيلي ولبنان، قال رئيس الحكومة نواف سلام إن "الجيش الإسرائيلي اعتدى والسلاح لم يردعه". وتابع: "سلاح حزب الله لم يحمِ لا قادة الحزب ولا اللبنانيين وممتلكاتهم، والدليل على ذلك عشرات القرى الممسوحة".

تصريح سلام حول سلاح المقاومة ليس جديدًا، بل هو في سياق سردية أوسع تسعى إلى شطب مرحلة زمنية طويلة من عمر لبنان حقّق فيها هذا السلاح الردع المناسب لحماية البلد، مقابل تكثيف حالة التيئيس من الخيار المقاوم لصالح خيار الاستسلام. وهنا، لا بد من التذكير بجملة من النقاط، ومجاراة منطق سلام وسردية "السلاح لم يحمِ" بما يماثلها:

- فجر 27 تشرين الثاني 2024، ومع سريان وقف الأعمال العدائية، وصلت مئات العوائل الجنوبية النازحة إلى قراها الحدودية وتفقدت منازلها، وكان جنود العدو الإسرائيلي قد عجزوا خلال 63 يومًا من القتال المحتدم عند الحافة الأمامية من الوصول الى عمق هذه القرى. فمن الذي أجبر الأهالي لاحقًا على الخروج من هذه القرى؟ ومن منع الجيش اللبناني في ذلك اليوم من استكمال انتشاره؟ وكيف احتل جيش العدو الإسرائيلي النقاط الخمس والسبع لاحقًا بوجود الدولة اللبنانية وسلطتها المبسوطة؟

- احتلّت معظم المناطق التي يحتلها جيش العدو الإسرائيلي اليوم، في المرحلة التي تلت وقف اتفاق إطلاق النار، أي بعد انسحاب حزب الله وانتشار الجيش اللبناني. وفي هذه المرحلة أيضًا، تم تدمير معظم القرى وتفجير البنى التحتية. وفي القرى التي يقول رئيس الحكومة إنها "ممسوحة"، حيث بلغت التفجيرات التي نفذها جيش العدو نحو 362 تفجيرًا مقابل قرابة 28 تفجيرًا أثناء الحرب. التفجيرات التي "مسحت القوى" نفذها العدو بعدما أصبحت الحكومة اللبنانية هي صاحبة السلطة الحصرية في جنوب الليطاني. فكيف قامت الدولة اللبنانية بوظيفتها بالحماية، في جنوب الليطاني على الأقل، حيث المنطقة منزوعة السلاح وحيث ينتشر قرابة عشرة آلاف عسكري لبناني؟

- نصّت ورقة وقف الأعمال العدائية على الانسحاب الإسرائيلي التام من كل شبر من الأراضي اللبنانية بعد مرور شهرين على اتفاق وقف الأعمال العدائية. مرّ الشهران، ولم تستطع الدولة اللبنانية ولا دبلوماسيتها ولا مفاوضاتها ولا لجنة الميكانيزم أن تفرض على العدو الإسرائيلي الانسحاب، بل يكرر مسؤولوه في أكثر من محطّة إصرارهم على البقاء في لبنان. فما هي خطة الدولة؟

- منذ 27 تشرين الثاني 2024 إلى 28 تشرين الثاني 2025، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن ارتقاء 335 شهيدًا لبنانيًا بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، وجرح 973 آخرين. استشهد هؤلاء وأصيبوا في مرحلة بسط سيادة الدولة جنوبًا، والالتزام بالقرارات الدولية، فكيف حمت الدولة اللبنانية أبناءها طيلة عام؟

- أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أنها سجلت أكثر من 2200 "نشاط" عسكري إسرائيلي شمال الخط الأزرق وأكثر من 6200 انتهاكًا جويًا إسرائيلي منذ سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان و"إسرائيل"، فكيف تصدّت الدولة اللبنانية لهذه الانتهاكات؟

مجاراة منطق سلام بانتقاء الحاجة للسلاح مع تضرر الردع مرحليًا، يستدعي سؤالًا مقابلًا، حول صحّة المطالبة بانتفاء الحاجة للدولة مثلًا مع ثبوت عدم قدرتها على حماية شعبها أو صد العدوان، رغم التعاون التام من المقاومة في منطقة جنوب الليطاني. الدولة لم تحمِ أهالي الجنوب، لا أمس ولا اليوم.. فهل ندعو إلى للتخلي عنها وفق منطق رئيس الحكومة؟

منشورات ذات صلة